ذكرى انتفاضة قبائل أيت باعمران .. ثلاثة أسئلة للنائب الإقليمي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير
ذكرى انتفاضة قبائل أيت باعمران .. ثلاثة أسئلة للنائب الإقليمي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير
أحمد الكرمالي
سيدي إفني – يتطرق النائب الإقليمي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير بإقليم سيدي إفني، المختار الإدريسي، في هذا الحوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إلى دلالات ومغازي الذكرى ال 63 لانتفاضة قبائل أيت باعمران، وكيفية ترسيخ هذه الدلالات لدى الجيل الجديد من الشباب، وكذا رمزية إصدار أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير بالجهات الجنوبية الثلاث للمملكة، لبيانات تثمن فيها تدخل القوات المسلحة الملكية بمعبر الكركرات وتستنكر ما ارتكبته “البوليساريو” من أعمال “إجرامية” بالمعبر.
1- كيف يمكن ترسيخ دلالات هذه المحطة التاريخية لدى الجيل الجديد من الشباب ؟
إن انتفاضة 23 نونبر لقبائل أيت باعمران تبقى محطة وضاءة بارزة يتعين استثمار معانيها ودلالاتها في صفوف الناشئة والشباب حتى يتعرفوا على تاريخ بلادهم ويتمكنوا من استيعاب التضحيات التي قدمها الأباء والأجداد من أجل أن تنعم البلاد بالحرية والاستقلال.
نحن نحاول من خلال هذه الذكرى ومثيلاتها من الذكريات الوطنية المجيدة تكريس الوطنية والمواطنة في نفوس الناشئة والشباب والأجيال الصاعدة والمتعاقبة حتى يكونوا مؤهلين للدفاع عن حوزة الوطن ، وهناك تفاعل وتجاوب كبيرين بين الشباب والمجتمع المدني والمؤسسات التعليمية مع برامج المندوبية السامية المخلدة للذكريات الوطنية .
فتخليد هذه الذكريات هو تجسيد لتنمية الروح الوطنية ، ولذلك يتعين على الجميع من مسؤولين ومؤسسات، تلقين تاريخ المقاومة وجيش التحرير في المقررات الدراسية قصد غرس قيم الوطنية والمواطنة لدى الشباب، والعمل على تأهيلهم من أجل أن يكونوا قادرين عن الدفاع على الوحدة الترابية وسيادة الوطن.
2- ما هي رمزية إصدار أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير بالجهات الجنوبية الثلاث للمملكة، لبيانات تؤيد فيها هذا التدخل وتستنكر استفزازات “البوليساريو” وما ارتكبته من أعمال إجرامية بمعبر الكركرات؟.
إن المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير ، وفي إطار مواصلة التعبئة المستمرة لتقوية الجبهة الداخلية في مواجهة خصوم الوحدة الترابية للمملكة وادعاءاتهم الزائفة، تأخذ من الذكرى ال 63 لانتفاضة قبائل أيت باعمران كحدث “جيلي” متوارث جيل عن جيل وثورة “متجددة” تشكل محطة لتمرير مجموعة من الرسائل تتمثل في التعبئة الشاملة واليقظة في وجه كل خصوم الوحدة الترابية للمملكة.
إن أسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير هي في تعبئة شاملة ويقظة متقظة في كل ما يجري حول الأحداث الوطنية وخاصة عندما يتعلق الأمر بالمس بالوحدة الترابية، على اعتبار أن أسرة المقاومة كابدت الويلات من أجل ينعم المغرب بحريته واستقلاله، كما أنها تدرك جيدا من كان وراء صنع “البوليساريو” وكيف تأسست والأهداف من ذلك، لأن جيش التحرير صال وجال في الصحراء ولقن المستعمر الاسباني والفرنسي في منطقة أيت باعمران دروسا في البطولة والاستشهاد ، ولذلك فإن أسرة المقاومة تندد وتستنكر كل من حاول المساس بالوحدة الترابية .
فعندما حاولت ميليشيات “البوليساريو” عرقلة المرور بمعبر الكركرات ، نددت أسرة المقاومة واعضاء جيش بإقليم سيدي إفني وباقي الأقاليم بالجهات الجنوبية الثلاث بهذا الموقف وشجبته ودعت المنتظم الدولي الى القيام بواجبه في هذا الشأن.
فأمام سكوت دول الجوار وتعنت “البوليساريو” تدخلت القوات المسلحة الملكية “تدخلا سلميا وحازما أرعب خصوم الوحدة الترابية وقطاع الطرق المرتزقة الذين فروا وتركوا المجال لقواتنا الباسلة بتأمين المعبر وفتحه أمام تدفق البضائع والاشخاص”.
ولتخليد الذكرى ال 63 لانتفاضة قبائل أيت باعمران بسيدي إفني، والتي تزامنت هذه السنة مع تداعيات انتشار فيروس كورونا (كوفيج- 19)، أعدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير برنامج احتفاليا في احترام للتدابير والاجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس.
ويتضمن هذا البرنامج تقديم ،عن بعد ، عدة فقرات منها بالخصوص، مهرجان خطابي ، وندوة حول موضوع “انتفاضة قبائل أيت باعمران: محطة بارزة في مسار استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية”، ومحاضرة بعنوان “مقاومة سيدي إفني أيت باعمران للاحتلال الإسباني 1047-1958″، وكذا شريط وثائقي حول معارك انتفاضة قبائل أيت باعمران ضج المستعمر.
3-ما هي دلالات الذكرى ال 63 لانتفاضة قبائل أيت باعمران بسيدي إفني؟
إن تخليد هذه الذكرى التي يحتفي بها الشعب المغربي قاطبة وأسرة المقاومة وأعضاء جيش التحرير وساكنة إقليم إفني يوم 23 نونبر من كل سنة، هو من أجل التعريف بملحمة مجيدة من ملاحم المغرب الخالدة ، ذكرى تعد حدثا تاريخيا ومفصليا في مسار استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية للمملكة.
ولذلك فإن لهذه الذكرى الكثير من الدلالات والمغازي التي تجعل منها محطة وضاءة تؤرخ لحدث مهم يتمثل في استكمال استقلال المغرب الذي بدأ بانتفاضة قبائل أيت باعمران يوم 23 نونبر 1957 بعدما قام أفراد جيش التحرير المغربي المرابط بمنطقة أيت باعمران وكلميم بإحكام خطة تتثمل في مباغثة الجنود الاسبانيين في مواقعهم من صباح ذات اليوم، وحاولوا إلحاق أكبر الخسائر في صفوف هؤلاء الجنود من حيث العتاد والقتلى والأسرى، ما أجبرت القوات الاسبانية على التقهقر الى مركز سيدي إفني الذي أصبح بمثابة ثكنة عسكرية كبرى محاصرة.
واستمر الوضع على ما هو عليه حتى 1958 عندما تم توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار بين جيش التحرير والسلطات الاستعمارية الاسبانية ، فتحركت الآلة الدبلوماسية المغربية مما أفضى إلى استرجاع مدينة سيدي إفني يوم 30 يونيو 1969 .
وفي استرجاع كرونولوجي تاريخي لفصول هذه الملحمة التاريخية الحافلة بالإنجازات والمنجزات ، فإن سيدي إفني، منطقة المقاومة والجهاد، قد تصدت للمستعمر عبر التاريخ ، حيث وقفت قبائل آيت باعمران منذ بداية الأطماع الاستعمارية، بالمرصاد لكل محاولات التوغل والتوسع الأجنبي وواجهت مخططات المحتل بحكم الموقع الاستراتيجي للمنطقة وإطلالها على المحيط الأطلسي وأيضا باعتبارها بوابة للصحراء ، فتصدت لكل توغل سواء فرنسي أو ألماني أو انجليزي أو اسباني إلى أن فرضت على المغرب معاهدة الحماية سنة 1912 .
لقد كانت سيدي افني من بين النقط التي كانت تستهدفها القوات الفرنسية الاستعمارية في مخططها لتكوين امبراطوريتها في جنوب المغرب ووسطه وشماله، فعندما احتلت هذه القوات مدينة تيزنيت عام 1913 حاولت أيضا احتلال سيدي إفني في إطار عبورها لمنطقة أيت باعمران نحو مدينة كلميم إلا أنها تلقت مقاومة قوية من طرف قبائل المنطقة (اعمرانن، إمجاط ، أيت الرخا، لخصاص)، والتي تكتلت وأوقفت الزحف الفرنسي نحو المنطقة.
ولمواجهة تحديات المستعمر وتطاولاته على مشاعر الباعمرانيين، استمرت المقاومة والجهاد عبر عدة محطات وخاصة في عام 1947 عندما تصدوا لسياسة “التجنيس” التي حاولت السلطات الإسبانية فرضها على قبائل أيت باعمران لطمس هويتهم الدينية والوطنية، فانتفض الباعمرانيون واعتبروا هذه المحاولة ضربا لهويتهم المغربية وديانتهم الإسلامية فاستمر النضال والكفاح الذي ازداد مع نفي جلالة المغفور له محمد الخامس، فانطلقت بسيدي افني معركة “النصر” أي مناصرة السلطان سيدي محمد بن يوسف في رحلته إلى طنجة ومطالبته المنتظم الدولي آنذاك برغبة المغرب في حصوله على الاستقلال والسيادة الوطنية والوحدة الترابية، وأعقب ذلك مجموعة من الاعتقالات في صفوف مجاهدي أيت باعمران ليستمر الوضع حتى فترة نفي محمد الخامس وانطلقت ثورة الملك والشعب التي وصلت صداها الى منطقة سيدي افني وشن الباعمرانيون انتفاضتهم الكبرى ضد الإسبان إلى أن تدخل جيش التحرير بالمنطقة يوم 23 نونبر 1957.
وكانت هذه الانتفاضة هي المدخل الكبير لتحرير مدينة طرفاية في أبريل 1958 بعدما ركز المستعمر اهتمامه على قبائل ايت باعمران الشيء الذي مهد لجيش التحرير بجنوب المغرب لتحرير طرفاية .