مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
الولي الصالح سيدي بوزكري حامي مكناس والأحواز.
مغرب المواطنة2022-09-19 10:06:49
للمشاركة:

الولي الصالح سيدي بوزكري حامي مكناس والأحواز.

الولي الصالح سيدي بوزكري حامي مكناس والأحواز.

محسن الأكرمين.

من ممرات الحياة الماضية الفضلى، كانت مدينة مكناس تنتج أولياء الله الصالحين. كانت المدينة يشد إليها الترحال لأجل أخذ العلم الفقهي، وعيش حياة الزهد وتدين التصوف. في الحاضر باتت المدينة تُعَرى عيبا ونكوصا عما تركه السلف من شواهد صالحة، وباتت الوَسْمُ التنويري ينتقص من مقامات الأولياء القدامى، وآخرون بالرياء يتمسحون باللَّعْق على أقدام أولياء الله الجدد من سياسي (الريع حلال)، والاسترزاق (الفاسد) من ضريح مولانا القصر البلدي بحمرية.

مرة ثانية نُذكر بأننا لا نقبل بملاحظات المعيارية، والتي تَمْكُرُ ببطولية التمسح على شاشة هاتف ذكي أزوق. نحن فقط نريد معاودة خلخلة ذكريات من التاريخ الماضي بما له من حقائق، وما عليه من خرافة وذكر شفهي. نحن نبحث عن تسجيل ذاك الذكر حتى بما يحمله من عوالق لاصقة، ونترك للمختصين في التاريخ التحليل المنهجي والتأصيل.

مثلث أولياء الله الصالحين بحي الزيتون (القديم) كانت ركيزته الأصيلة ضريح سيدي بوزكري حامي مكناس، بجوار سيدي سهل بن سهل. كانت المواسم السنوية تُقام احتفاء بسيدي عياد السوسي، مرورا بسيدي علي بن طاهير الذي أُتْلف مرقده بالهدم قرب دار الثقافة (التازي)، وصولا إلى الموسم السنوي لسيدي بوزكري دفين (الجراية المطلة على الوادي).

الولي الصالح سيدي بوزكري حامي مكناس، ظَنٌّ بالإيمان الساذج والاعتقاد السطحي !! حامي مكناس من كل المساوئ البشرية، والمخاطر الطبيعية. حامي مكناس بحزام من زبر حديد يرتبط بتوزيع مع مكونات الأضرحة والأولياء الصالحين. حامي مكناس حين كان يشهد على الاقتصاص من قطاع الطرق والمناوئين رميا بالرصاص وإعدامهم علنيا أمام الضريح ( في ساحة مجلس جماعة الزيتون قبل وحدة المدينة)، وأمام تجمهر الساكنة الآتية للاستطلاع بدعوة من البَرَاح.

يذكر التاريخ الشفهي بحي الزيتون أن شظية قذيفة مدفعية من غزاة المستعمر الفرنسي أصابت الجانب العلوي من قبة ضريح سيدي بوزكري. الحكاية المتواترة تسترسل قولا: أن قائد الحملة أصبح جسديا منتفخا وعليلا، بات مريضا، ولم يفهم طبيبه سبب الداء. وحين أُخْبر بأن المدفعية أصابت مرقد ولي صالح، انتقل راجلا نحو ضريح سيدي بوزكري، وبلا بنادق ولا مدافع، حيث دخل الضريح حافيا وخانعا على قدميه ويديه بحد بوابة المدفن، وطلب السماح من الحفدة والدفين، وأمر بإعادة البناء، وتقديم الذبيحة و(الحلاوة) وإشعال الشموع. تحكي الرواية أن القائد العسكري أمر جنوده بأن يخلعوا أحذيتهم قبل الولوج لفناء الضريح. تحكي الرواية أن عافية القائد العسكري النصراني بدأت تُستْعاد بمتم نهاية خروجه من دُرُج الباب (البراني)، وبات انتفاخ جسمه يتراجع بلا أدوية ولا مُرْهم !! تحكي رواية شيوخ أهل الزيتون أن القائد الفرنسي أمر بعدم قصف أي ضريح حتى وإن احتمى بهم المقاومون الثوار. تحكي الحكايات أن المستعمرين الفرنسيين حين بسطوا نفوذهم على مدينة مكناس وأحوازها، أرادوا تحديد أراضي حُبُسَ سيدي بوزكري، وألاَّ يمسَّ أحد من المعمرين أرض الولي الصالح، فكان قرارهم استشارة أعمدة من شيوخ (قبيلة) حي الزيتون، لأجل الخروج في مهمة تحديد الأرض الحبسية الخاصة بسيدي بوزكري.

من ذكاء رجالات الزيتون القديم، أقاموا وليمة وليلة ذكر وقرآن كريم، وذبيحة صدقة مليحة. اجتمعوا عشاء لأجل التنسيق والتذاكر المبكر. تقول الرواية أن منزل جدي الحاج عبد الكريم (رحمه الله) كان مقر الوليمة وعقد الاتفاق النهائي. حضر الحاج سعيد، والقايد عياد، والمقدم بَرْجال، والحاج بوعزة ، والفقيه سي إدريس (إمام جامع سيدي امبارك)، وابن الطايع الجد، والحاج العاكف، والحاج إدريس... وغيرهم برحمة الله عليهم جميعا. فكروا ودبروا وخططوا بالاتفاق أن يوسعوا من حصة أرض الولي الصالح حتى تبقى لديهم كفيض من أراضي الرعي (أزغار). حين ركبوا بغالهم بإشراف من ممثل المستعمر، وبحضور ممثل نظارة الأوقاف، وخرجوا من باب كبيش. أوصلوا بلاد سيدي بوزكري الرملية بحدود الأرض السلالية لمجاط، ثم باتجاه وادي بوفكران وسيدي اسليمان مول الكيفان، ثم فيلات وعراصي (لاتوران) السور الاسماعيلي (قرب لافيراي)، وشرقا الوادي. تحكي الحكاية أن المساحة الإجمالية التي تم تحديدها بالتوثيق العرفي وشيوخ النظر بلغت حد (700هكتارا) وتزيد. حقا وللتاريخ ذكر، بقيت تلك المساحة محمية من استغلال المعمرين بالاحترام و(التوقير). وبات فلاحو (قبيلة) الزيتون يستغلون تلك المساحة في الرعي وتخزين التبن، وإقامة (رحبة تجميع المحاصيل و(ﯕَاعَة) الدرس.

(خدم التاعس للناعس) هي حكمة تمطيط أراضي حفدة سيدي بوزكري التي تم الاتجار فيها بالسيبة والفوضى من طرف المعمرين الجدد. هي الأراضي الحبسية التي تم تمديدها من طرف الأجداد وشيوخ النظر بحي الزيتون (القديم) ضد أطماع المستعمرين والتي أضاعتها نظارة الأوقاف بمكناس وحفدة سيدي بوزكري مع المستعمرين الجدد من جلدة أبناء الوطن والمدينة. حيث بات حامي مكناس لم يقدر حتى على حماية ممتلكاته الحبسية، وبات حامي المدينة مُعرضا للنهب.

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: