” البوليساريو ” تستبق قرار مجلس الأمن الدولي بطلب المفاوضات مع المغرب
” البوليساريو ” تستبق قرار مجلس الأمن الدولي بطلب المفاوضات مع المغرب
على بعد أيام قليلة من القرار المرتقب لمجلس الأمن الدولي حول الصحراء المغربية، أعلن من يسمى “وزير الشؤون الخارجية” في “دولة تندوف الوهمية”، محمد سيداتي، أن “جبهة البوليساريو منفتحة على المفاوضات مع المملكة المغربية بوساطة أممية”، مسجلا في الوقت ذاته أن “الجبهة ملتزمة بتعهداتها ومتشبثة بآمالها لتحقيق حل عادل ودائم لهذا النزاع على أساس الشرعية الدولية”، مضيفا أن “يد البوليساريو ممدودة للسلام وأصابع مقاتليها موضوعة على الزناد”، بتعبير المسؤول الانفصالي في مقابلة مع إحدى وسائل الإعلام المحسوبة على محور الجزائر-تندوف.
ويطرح سياق هذا التصريح مجموعة من التساؤلات والتكهنات حول الغايات الحقيقية المتوخاة من وراءه، فيما يرى متتبعون أن إعراب البوليساريو عن استعدادها للحل التفاوضي ينطوي على فشل خيار خرق وقف إطلاق النار الذي تبنته ويكرس فشلها الدبلوماسي في تحقيق تقدم سياسي في هذا الملف، كما ينطوي على محاولة استباقية للتأثير في القرار المقبل لمجلس الأمن، خاصة مع إدانة التقرير المُسرب للأمين العام للأمم المتحدة ممارسات الجبهة وتأكيده على الدور الجزائري في هذا النزاع المفتعل.
تغطية على الفشل ومحاولة للتأثير
تفاعلا مع الموضوع، قال محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المركز الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، إن “إعلان سيداتي استعداد البوليساريو للجلوس إلى طاولة المفاوضات، مؤشر على فشل الدعاية الحربية للجبهة الانفصالية، خاصة بعد تجاهل الأمين العام الأممي في مسودة تقريره الأخير بياناتها العسكرية”، مشيرا إلى أن هذا الإعلان الذي يأتي قبيل قرار مجلس الأمن، هو “محاولة لثني المجلس عن اتخاذ أي إجراءات عقابية أو إدانته تنصل البوليساريو من اتفاق وقف إطلاق النار”.
وأضاف عبد الفتاح أن “ما أعلنت عنه البوليساريو يأتي كذلك للتغطية على تنصل الطرف الجزائري من مسؤوليته كطرف رئيسي في هذا النزاع ورفضه المستمر لآلية الموائد المستديرة التي دعتها إليها القرارات الأممية”، مسجلا في الوقت ذاته أن “تصريح سيداتي يحمل الكثير من التناقضات، إذ أعلن استعداد الجبهة الانفصالية للمفاوضات وأصر في الوقت ذاته على الترويج للدعاية الحربية التي كذبها أنطونيو غوتيريش بنفسه”.
وخلص المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى أن “البوليساريو تحاول بهكذا مناورات سياسية ثني مجلس الأمن الدولي عن إدانة العراقيل التي تضعها على عمل عناصر البعثة الأممية في الصحراء المغربية، إذ تؤكد النسخة المسربة من تقرير غوتيريش رفض الجبهة الترخيص لدوريات البعثة لزيارة مواقعها العسكرية في تندوف، فضلا عن رفضها الترخيص لقوافل الإمداد اللوجستي لمواقع تواجد البعثات الأممية لمراقبة وقف إطلاق النار”.
ضغط أمريكي وقرار غير محسوب
من جهته، أورد علي بيدا، رئيس المركز الدولي للدفاع عن الحكم الذاتي بجهة العيون الساقية الحمراء، أن “تصريحات قادة البوليساريو في الفترة الأخيرة بخصوص استعداد الجبهة الانفصالية للعودة إلى المفاوضات، دليل مادي على فشلها الذريع في إقناع ساكنة المخيمات بخصوص جديتها في خوض حرب عسكرية غير متكافئة من حيث القوة في ظل التفوق العسكري والسياسي المغربي”.
وأشار بيدا في هذا الصدد إلى “التأثير الواضح للزيارة الأخيرة لمساعد وزير الخارجية الأمريكي، جوشوا هاريس، إلى المخيمات وما تلاها من تصريحات لوسائل الإعلام الجزائرية أكد من خلالها المسؤول الأمريكي ضغط واشنطن سواء فيما يتعلق بعودة التزام البوليساريو بوقف إطلاق النار، أو على مستوى تقديم مشروع حل جديد لقضية الصحراء المغربية”.
ولفت المتحدث عينه، في تصريح لهسبريس، إلى أن “تصريح سيداتي سبقه أيضا تصريح مماثل لقيادي في الجبهة للصحافة البرتغالية، ما يعني أن هناك شبه إجماع في البيت الداخلي للبوليساريو وصنيعتها الجزائر على أن خيار إعلان الحرب قرار غير محسوب العواقب، خاصة وأن المنتظم الدولي لن يقبل بأي تصعيد في المنطقة في ظل التحولات السياسية والأمنية التي تشهدها منطقة الساحل والصحراء”.