جمال سلامي يصنع مجد الأردن ويقودها إلى أول تأهل تاريخي لكأس العالم
جمال سلامي يصنع مجد الأردن ويقودها إلى أول تأهل تاريخي لكأس العالم
صرح جمال سلامي قبيل التوجه إلى معسكر الدمام، بأن المباراتين المتبقيتين أمام عمان والعراق حاسمتان، وأن حلم التأهل صار أقرب من أي وقت مضى، خاصة بعد تعثر العراق أمام كوريا الجنوبية، واضاف انه لن يسمح لأي أحد أن يفوت على المنتخب الأردني فرصة الحضور في مونديال 2026 ، وبالفعل كان السلامي في الموعد وأهّل المنتخب الاردني امس الى كاس العالم بامريكا والمكسيك وكندا.
منذ أن تولى الإطار المغربي جمال سلامي، في يونيو 2024، قيادة المنتخب الأردني، خلفا لمواطنه حسين عموتة، أعلن أن الهدف هو التأهل إلى كأس العالم، لم يكن ذلك مجرد تصريح عابر، بل مشروع حقيقي لنقل الكرة الأردنية إلى مستوى غير مسبوق.
وبالفعل، تحققت الرؤية، فبعد فوز مستحق على منتخب عمان بثلاثية نظيفة وخسارة العراق أمام كوريا الجنوبية، تمكن منتخب “النشامى” لأول مرة في تاريخه من ضمان بطاقة التأهل إلى كأس العالم 2026.
التأهل كان تتويجا لمسار مدروس بدأه سلامي منذ عام، وراكم خلاله ثقة لاعبيه والجمهور، بعدما سار على خطى مواطنه عموتة، الذي قاد المنتخب الأردني إلى أفضل إنجازاته القارية في كأس آسيا.
سلامي كان مدركا منذ البداية لحجم التحدي، تحدث في أول ظهور إعلامي عن “صعوبة المهمة”، لكنه أكد، أيضا، أن المنتخب يملك الإمكانيات لمواصلة التألق القاري وتحقيق قفزة نوعية على الساحة الدولية.
من جهته، هيثم الشبول، اللاعب الدولي السابق والمدرب الحالي، قال إن سلامي واجه ظروفا صعبة في التصفيات، ونجح في تجاوزها رغم غياب لاعبين مؤثرين بسبب الإصابة، وهو ما يعكس قدرته العالية على التأقلم والتسيير الفني والذهني.
رحلة التأهل لم تكن وليدة الحظ، بل ثمرة شغف طويل بدأ منذ الطفولة، حين كان سلامي لاعبا شابا في فتيان جمعية الحليب البيضاوي، وكان، في أوقات فراغه، يدرب أطفال الحي في دوريات الأحياء، ملتزما ومنضبطا، كما هو اليوم.
لم تحمله الصدفة إلى الملاعب، بل جاء إليها بموهبة وجهد، فقد تدرج في فئات فريقه، وساهم في إنجازاته التاريخية، متوجا بكأس العرش سنة 1991، ثم البطولة الوطنية سنة 1994، والبطولة العربية ثلاث مرات متتالية.
انتقل بعدها إلى الرجاء الرياضي، فريق القلب، وهناك كتب صفحة أخرى من المجد، مساهما في ثلاثية البطولة الوطنية، وكأس العرش، والتتويج الإفريقي.
في سنة 1998، وبينما كان الرجاء يخوض مباراة إفريقية، قرر المدرب خاليلوزيتش إشراكه لأول مرة في الدفاع، فكانت تلك اللحظة مفصلية، إذ أعجب به مدرب بشكتاش التركي جون توشاك، وضمه للفريق حيث تألق وتوج معه بعدة ألقاب.
حمل سلامي القميص الوطني 39 مرة، وشارك في كأس العالم 1998، وكأس إفريقيا سنتي 1998 و2000، دون أن تسنح له الفرصة في مونديال 1994، رغم استدعائه حينها.
اعتزل اللعب سنة 2004، ليتفرغ لشغفه الأول: التدريب. درس وطور نفسه، وحصل على شهادة “يويفا” التي مكنته من بداية مشواره التدريبي كمساعد في الرجاء، قبل أن يقود الدفاع الجديدي إلى وصافة البطولة.
اختارته الجامعة لاحقًا للعمل ضمن الطاقم التقني للمنتخب الأول، ودرّب أندية حسنية أكادير، والفتح، والدفاع الجديدي، كما قاد المنتخب المحلي إلى التتويج بكأس إفريقيا للاعبين المحليين سنة 2018.
نجاحه مع المنتخب المحلي فتح أمامه الباب لتدريب الرجاء، الذي توج معه بالدوري في موسم 2019-2020، قبل أن يغادره في لحظة صعبة، بعد تعرضه لضغوط جماهيرية.
سلامي، الذي درب أيضًا منتخب أقل من 17 سنة، معروف بانضباطه والتزامه، لكنه في الآن ذاته يملك شخصية مرنة، تحاورية، تؤمن بأهمية إشراك اللاعبين في القرار وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.هذا المزيج من الصرامة والليونة، جعل منه مدربا ناجحا، يجيد إدارة المجموعة، ويستثمر في مهارات لاعبيه، ويمنحهم الثقة للعب بأقصى إمكانياتهم.
بهذا التأهل، يمكن القول إن المدرسة التدريبية المغربية بصمت على مجد جديد، حيث خط جمال سلامي صفحة تاريخية لكرة القدم الأردنية، بعد أن مهد مواطنه عموتة الطريق، ليؤكد كلاهما أن الإطار المغربي، حين توضع بين يديه الثقة، يبدع ويصنع الفارق.


