المغرب بخير.. لأن في قلبه وطن وفي جوهره إنسان.
المغرب بخير.. لأن في قلبه وطن وفي جوهره إنسان.
بقلم: عبد الحكيم الناصف بوروايل.
في صباح متأمل بمدينة مكناس الشامخة ، وعلى مرمى الذكريات، مررت أمام مدرستي الثانوية العريقة "مولاي إسماعيل"، فغمرتني مشاعر مختلطة من الطمأنينة والهيبة والتأمل. كل شيء بدا مألوفًا رغم مرور الزمن، وكأن الأرصفة تحفظ الخطى، وكأن الأبواب تعرف الوجوه التي عبرتها ذات يوم.
منذ صيف 1982 حين نلت شهادة الباكالوريا، فارقت هذا المكان رسميًا، وها أنا اليوم أعود بعد مرور 43 سنة كاملة. سنوات مثقلة بالأحداث والتجارب، تغيّرت فيها معالم كثيرة، ورحل جيل كامل، ليحل مكانه جيل جديد، مفعم بالطموح والحيوية. ومع هذا التأمل، ووسط هذا الحنين، همست لنفسي: "بلادنا المغرب بخير، وعلى خير".
المغرب يعيش في بوتقة واحدة من التفاعل الإيجابي، تجمعه الثوابت: الله، الوطن، الملك ، ويظل النظام السياسي والاجتماعي، رغم الهفوات، تارة يخطئ وتارة يصيب، لكنه حافظ على استقراره، وعلى هوية وطنية موحّدة تزداد رسوخًا كلما اشتدت التحديات.
إن المغاربة لا يراهنون على الشعارات بل على العمل، لا يتكئون على العويل بل على الجد والاجتهاد، لا يرددون الكلام بل يصنعونه بمواقفهم الصادقة.
المغرب بخير، لأن أبناءه يؤمنون بالعمل قبل العويل، وبالنية الصادقة قبل الاتهام، وبالاجتهاد قبل الإحباط.
نحن نعلم حجم التحديات، لكننا نواجهها بثبات وبحس وطني عميق، لا بشعارات فارغة فالإصلاح ليس صراخًا بل تخطيط، والمواطنة ليست مظاهر بل سلوك يومي متجذر في الأسرة، المدرسة، والإعلام.
الوطن يُبنى بالبشر قبل الحجر، وبالضمير قبل الإسمنت والزفت وإن كان البعض يشتكي من تأخر الوعي، فهناك الآلاف يعملون بصمت لتنوير العقول، وتعزيز الكرامة، وتطوير الفضاء العام دون ضجيج أو يأس.
التحضير لاحتضان مونديال 2030 ليس فقط في بناء المنشآت أو تجهيز الملاعب، بل في بناء الإنسان، وترسيخ الوعي، وتأسيس هوية حضارية تسابق الزمن ولا تساوم على القيم. ليكن هذا الحدث العالمي فرصة لإظهار الصورة الحقيقية لوطن يراهن على الإنسان قبل الكاميرا، وعلى الكرامة قبل الزينة.
يجب ألا نجمّل الواجهات فقط، بل يجب أن نؤمن أن الواجهة الحقيقية هي الإنسان ونعمل على الهدف الوعي و المأمول والمغرب اليوم مطمئن لأنه اختار أن يكون بشرفه، لا بزيفه و بحقيقته لا بتصنعه ، بكبريائه لا بتملقه و بتاريخه التليد و حاضره الآمل و مستقبله الزاهر إن شاء الله.



