مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
مستشفى الحسن الثاني بأكادير.. عنوان أزمة صحية وطنية
مغرب المواطنة2025-09-18 12:28:43
للمشاركة:

مستشفى الحسن الثاني بأكادير.. عنوان أزمة صحية وطنية

مستشفى الحسن الثاني بأكادير.. عنوان أزمة صحية وطنية

أعادت الأحداث التي شهدها المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير مؤخرًا النقاش حول واقع المنظومة الصحية بالمغرب، بعدما تكشفت صور الاكتظاظ، نقص التجهيزات، ومعاناة المرضى. هذه الوقائع لم تكن استثناءً، بل تعبيرًا واضحًا عن أزمة بنيوية عميقة تراكمت على مدى سنوات.

# أزمة هيكلية لا ظرفية:

الوضع الصحي في المغرب لا يمكن اختزاله في واقعة محدودة. فالمستشفيات العمومية في مختلف المدن تواجه ضغطًا يفوق طاقتها، سواء من حيث البنية التحتية المتهالكة أو التجهيزات غير الكافية أو الخصاص المهول في الموارد البشرية. المواطن يجد نفسه بين خيارين أحلاهما مر: انتظار طويل في مؤسسات عمومية محدودة الإمكانيات، أو اللجوء إلى القطاع الخاص بتكاليف باهظة.

# اختيارات سياسية غير متوازنة:

المشكل الأساس يكمن في السياسات العمومية نفسها. فقد اتجهت الدولة، بشكل متدرج، نحو تقوية القطاع الخاص وتشجيعه، مقابل تراجع الاستثمار في القطاع العمومي. ونتيجة لذلك، نشأ خلل واضح في التوازن: رعاية صحية جيدة لمن يملك القدرة على الدفع، مقابل خدمات ضعيفة الجودة لمن لا يملك. هذا التوجه خلق شرخًا اجتماعيًا خطيرًا يضرب في الصميم مبدأ العدالة في الولوج إلى العلاج.

#نزيف في الموارد البشرية:
إحدى أكبر التحديات التي تواجه المنظومة الصحية هي النقص الحاد في الموارد البشرية. المغرب ما زال بعيدًا عن المعدلات التي توصي بها منظمة الصحة العالمية. كما أن هجرة الأطباء نحو الخارج أو القطاع الخاص تعمّق الأزمة. إلى جانب ذلك، يبقى التوزيع الجغرافي غير عادل، حيث تتركز الكفاءات الطبية في كبريات المدن، فيما تظل المناطق القروية والمهمشة تعاني فراغًا شبه تام.

#التغطية الصحية الشاملة: إنجاز ناقص:
تعميم التغطية الصحية خطوة مهمة في حد ذاتها، لكنها كشفت محدودية المنظومة. ملايين المواطنين حصلوا على بطائق “أمو”، لكن المستشفيات العمومية غير قادرة على استيعاب الطلب الجديد. بكلمة أخرى، تم توسيع دائرة المستفيدين دون أن يترافق ذلك مع توسيع العرض الصحي. النتيجة: استمرار معاناة المواطن أمام طوابير الانتظار وضعف الخدمات.

#غياب الحكامة الفعلية:
الخطاب الرسمي كثيرًا ما يردد مفاهيم الحكامة والشفافية، لكن الواقع يعكس عكس ذلك. مشاريع صحية كبرى تُعلن، لكن في الميدان تظل الأقسام مغلقة والأجهزة معطلة. ضعف المحاسبة وسوء التدبير يفاقمان أزمة الثقة بين المواطن والدولة.

# ما العمل؟
ما حدث في أكادير ينبغي أن يُفهم كجرس إنذار، لا كحادث عابر. إنقاذ الصحة العمومية يتطلب:
. استثمارات جريئة في البنية التحتية والتجهيزات.
. سياسة واضحة لتحفيز الكفاءات الطبية ومنع نزيف الهجرة.
.شراكة متوازنة مع القطاع الخاص في إطار يخدم المصلحة العامة.
.آليات حقيقية للمحاسبة والشفافية في التدبير.

# الخلاصة:
مستشفى الحسن الثاني بأكادير ليس مجرد بناية مأزومة، بل عنوان لأزمة وطنية شاملة. إذا لم تُترجم الشعارات إلى قرارات عملية عاجلة، فإن الخطر الأكبر هو أن يترسخ في وعي المواطن أن الحق في الصحة مجرد وعد لا يُنجَز.

✍️ بقلم: المحلل التفاعلي م .عبد الحكيم الناصف بوروايل .

مستشفى الحسن الثاني بأكادير.. عنوان أزمة صحية وطنية

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: