مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
جيل Z بين المطالب الاجتماعية والرهانات السياسية.
مغرب المواطنة2025-10-04 12:55:55
للمشاركة:

جيل Z بين المطالب الاجتماعية والرهانات السياسية.

جيل Z بين المطالب الاجتماعية والرهانات السياسية.

شهد المغرب مؤخرًا بروز رسالة علنية منسوبة إلى جيل Z، تضمنت ثمانية مطالب أساسية موجهة مباشرة إلى الملك محمد السادس. هذه المطالب حملت في طياتها نَفَسًا احتجاجيًا قويًا، لكنها في الوقت ذاته كشفت عن تحوّل نوعي في طبيعة الحركات الاجتماعية بالمغرب، من مجرد التركيز على قضايا معيشية إلى طرح أسئلة سياسية وتسييرية أعمق.

أول ما يلفت الانتباه هو أن جزءًا من المطالب واقعي ومشروع، مثل الدعوة إلى تفعيل المساواة وضمان فرص عادلة للشباب، أو المطالبة بتحسين التعليم والصحة، وتعزيز حرية التعبير وحق التظاهر. هذه قضايا دستورية بالأساس، ولا تحتاج سوى إرادة سياسية جادة لتنفيذها. كما أن مطلب إطلاق سراح معتقلي الاحتجاجات السلمية أو معتقلي الرأي يمكن أن يشكل خطوة عملية نحو تهدئة الأوضاع وإعادة بناء الثقة، خصوصًا عبر آليات دستورية متاحة كالعفو الملكي.

في المقابل، هناك مطالب تطرح صعوبة كبيرة على مستوى التطبيق، مثل إقالة الحكومة أو حل أحزاب بكاملها بدعوى الفساد. هذه المطالب وإن كانت تعكس غضبًا شعبيًا من أداء الطبقة السياسية، إلا أنها تصطدم بإكراهات دستورية ومؤسساتية تجعل تنفيذها معقدًا إن لم يكن مستحيلًا. أما الدعوة إلى عقد جلسة وطنية علنية للمساءلة برئاسة الملك، فهي مطلب رمزي يترجم فقدان الثقة في البرلمان والأحزاب كوسائط سياسية، لكنه يتعارض مع الطابع التحكيمي للمؤسسة الملكية التي لا تقوم دستوريًا بدور رقابي مباشر على الحكومة.

هذا التباين بين ما هو ممكن تنفيذه وما هو صعب التحقيق يكشف عن مسار تحوّل خطير: انطلاق المطالب من هموم اجتماعية ملموسة (القدرة الشرائية، الصحة، التعليم) قبل أن تتطور سريعًا إلى قضايا سياسية كبرى (إقالة حكومة، حل أحزاب، مساءلة علنية). وهو ما يعكس فقدانًا شبه كامل للثقة في المؤسسات الوسيطة، ورغبة في مخاطبة رأس الدولة مباشرة كضامن وحيد للحقوق.

الحل لا يكمن في تجاهل هذه الرسالة أو وصفها بالمبالغة، بل في قراءة إشاراتها بجدية: جيل Z يطالب بالكرامة والعدالة والشفافية، لكنه في الوقت ذاته يعبّر عن خلل سياسي يعيشه المغرب. لذلك فإن الاستجابة الواقعية يجب أن تبدأ من استعادة المرفق العمومي لأدواره الحيوية، إطلاق مبادرات واضحة لمحاربة الفساد، وفتح قنوات حوار مؤسسية مع الشباب. عندها فقط يمكن تهدئة منسوب الاحتقان الاجتماعي، ومنع انزلاق المطالب الاجتماعية إلى مسارات سياسية أكثر راديكالية.

- توصيات عملية:

1. إصلاح عاجل للمرفق العمومي في الصحة والتعليم بشكل ملموس يلمسه المواطن في حياته اليومية.

2. إطلاق مسار قضائي شفاف ضد ملفات فساد كبرى لإعادة الثقة في المؤسسات.

3. فتح قنوات حوار رسمي ومنظم مع شباب جيل Z عبر مجالس استشارية أو منتديات وطنية.

4. مبادرات تهدئة آنية مثل إطلاق سراح بعض المعتقلين على خلفية الاحتجاجات السلمية، لفتح صفحة جديدة مع الشباب.

إن رسالة جيل Z، مهما اختلفت حولها القراءات، تضع أمام المغرب سؤالًا جوهريًا: هل نحن بصدد جيل غاضب عابر، أم أمام فرصة تاريخية لإعادة صياغة العقد الاجتماعي على أسس جديدة أكثر عدالة وإنصافًا؟

✍️ م. عبد الحكيم الناصف، مواطن مكناسي مغربي.

جيل Z بين المطالب الاجتماعية والرهانات السياسية.

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: