مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
إدريس مبارك يُطلق رصاصة نقد:
مغرب المواطنة2025-11-15 14:49:29
للمشاركة:

إدريس مبارك يُطلق رصاصة نقد: "نخب مخدومة" تعيق التنمية.. والصحافة أصبحت "مهنة الفقر"!

إدريس مبارك يُطلق رصاصة نقد: "نخب مخدومة" تعيق التنمية.. والصحافة أصبحت "مهنة الفقر"!

على أَمْواجِ راديو بلوس بأكادير، وفي حلقةٍ استثنائيةٍ نُسِجتْ بخيوط الإثارة والرصانة، لم يُساوِرْ الأستاذ الصحفي إدريس مبارك، مدير جريدة "مشاهد" الإلكترونية، أيُّ تردُّدٍ وهو يَغْرِسُ إصبعه في الجُرحِ الغائر الذي يكادُ يفتكُ بأوردةِ المسار التنموي الترابي في المملكة. لقد كان حوارُهُ مِنْبرًا لِصدقٍ لا يَخشى المواجهة، متجاوزاً حدود التحليل العابر، ليُقدِّمَ تشخيصاً شجاعاً يرسمُ المفارقة الصارخة بين سموِّ الرؤية الملكية التي تُحلِّقُ ببرامج التنمية الجديدة، ووَحْلِ التنفيذ الذي تسيطرُ عليهِ "النُّخبُ العتيقةُ المُكَبَّلةُ بأغلال الماضي".
​ "نُخبٌ مَخدومة" تُعطِّلُ شِرَاعَ سَفينةِ التنمية
​استهلَّ مبارك سَردَهُ بتأطيرٍ يُشبهُ رسمَ الخريطة بدقةٍ هندسيةٍ، مُؤكداً أن الاجتماعات التشاورية لوزارة الداخلية هي استجابةٌ تَرِفةٌ لِلخطابِ الملكي المِفصلي الذي يَدعُو إلى الإنصاتِ العميقِ لنبضِ المجتمع الكامن. ولكن، كَغيمةٍ سوداءَ تُظلِّلُ المشهدَ القَمَري، سرعان ما انبرى الإشادة إلى نقدٍ كَالسَّيفِ المَسلولِ؛ مُعلناً أن هذه اللقاءات، على جلالِ غايتها، باتتْ مُهدَّدةً بالانزلاق إلى مُستوى "اللقاءات الفلكلورية الجوفاء"، تحتَ وطأةِ هيمنةِ فئةٍ وصمها بِـ "النخبِ المَخدومةِ" التي تعيشُ في حِمَى الامتياز.
وبشجاعتِه التي تُرادفُ نبلَ الموقف، أطلقَ إدريس مبارك نداءً صافياً كَأجراسِ اليقظةِ إلى تلكَ الوجوهِ التي "تَعَضُّ بالنواجذِ على عروشِ الكراسي" وتُراوغُ التوجيهاتِ بطريقةٍ "حربائيةِ التَّلوُّنِ"، مُطالباً إياها بـ الانسحاب الهادئِ والكريمِ، والاعترافِ بأنَّ أياديها مَلوثةٌ بمسؤوليةِ التراجع الذي شَهِدَهُ الوطنُ على أَصعِدةٍ شتى. وشدَّدَ على أنَّ زمنَ الوصايةِ على حُنجرةِ المواطن قد وَلّى، وأنَّ فجرَ "المغرب الجديد" لا يَستقبلُ إلا نُخَباً صاعدةً تتوشّحُ بِصدقِ العزيمةِ في مَسارِ التسريع التنموي.
​ولم يَسْلَمْ منهُ عَوَارُ الأحزاب التي تَتَضَرَّجُ بـ مَرضِ الزبونية والمحسوبية، ولا "الجمعيات الهُلامية" التي تَرْتَدِي ثَوْبَ الوَهْمِ خِدمةً لأجنداتٍ انتخابيةٍ ضَيِّقة؛ مُشدداً على أنَّ الخلاصَ يكمُنُ في استنطاقِ "الأغلبية الصامتة" من المواطنينَ الذينَ يَحملونَ في صميمِهم نبضَ الأرضِ الحقيقي.
​مَعرَكةُ "القَبيلة" ووَهنُ أرضِ "إيداو تنان" السخيَّة
​لم يقفْ سَيلُ النقدِ عندَ شواطئِ العموم والوطن، بلْ تَغلغَلَ كَسَيلٍ هادرٍ ليُلامسَ الخصوصيةَ الترابيةَ لجهةِ سوس ماسة، مُركِّزاً عدستَهُ على إقليمِ إيداو تنان القريبِ من أكادير.
​وفي مفارقةٍ تُدمي القلبَ، وَصَفَ مبارك هذا الإقليمَ، الذي تَفيضُ أرضُهُ بالمواردِ وتَبتسمُ بجمالياتٍ آسرةٍ، والذي كانَ حريّاً بهِ أنْ يكونَ تاجاً مُرصَّعاً بفضلِ قُربِهِ من العاصمةِ السياحية، بأنّهُ ما يزالُ "هيكلًا مهترئًا" على مستوى البُنى التحتيةِ والخدماتِ الأساسية. وعَزَا هذا التراجُعَ المَرضيَّ إلى سَبَبٍ لا يمتُّ للتنميةِ بِصلةٍ: "صراعاتٌ جانبيةٌ ضَيِّقة، مِزاجيةٌ وقَبليةٌ" تتخذُ من المُنتخَبينَ أداةً لها، وتَضْرِبُ أطنابَ التنميةِ منذُ سَنواتِ القحطِ الطويل. هذه الصراعات، التي نَعَتَهَا بـ "المَرضِ الخَطيرِ"، لهيَ الدليلُ القاطعُ على أنَّ العقليةَ المحليةَ المُتَقَزِّمَةَ ما زالتْ هيَ السَّدَّ المَنِيعَ أمامَ تَنزيلِ المشاريعِ ذاتِ الوقعِ والقوة.
​وفي المقابل، أطلقَ مبارك ثَناءً صادقاً على "الوَرشِ الملكيِّ" الذي انتشَلَ مدينةَ أكادير من "سُباتِ التَّهميشِ الثقيلِ"، ووَضَعَها على سِكَّةِ العالميةِ المُتوهّجةِ، مُحذِّراً من سَهوٍ قد يُغفِلُ هوامشَ المدن التي تَتَشَرَّبُ العطشَ، والتي تَتَطلّبُ تفعيلَ برامجِ "سياسة المدينة" لِتُنقَذَ من بَراثِنِ التهميشِ ولتَضْمَنَ اندماجَها الكُلِّيَّ في نسيجِ الحَداثة.
​ صَرخَةٌ من صَميمِ الحِبرِ: مِهنَةُ "الفَقرِ والتَّفقير"
​لم يَغِبْ إدريس مبارك، بصفتهِ فارساً من فُرسانِ الميدان الإعلامي، عنْ التَّرافعِ بِقوةٍ حولَ وَضْعِ الإعلامِ الجِهويّ. فبعدما أسندَ إلى الإعلامِ رُتبةَ "رافعةٍ من رَوافعِ التنميةِ الضرورية"، انتقدَ ازدواجيةَ المِعيارِ في التعاملِ مع المقاولاتِ الإعلاميةِ؛ التي هيَ في حقيقتها مؤسساتٌ تُقدِّمُ خدمةً عموميةً جليلةً تُضيءُ العقولَ، ولكنها تُعاملُ بمنطقِ "مقاولاتِ الياجورِ الجامدة"، مِمّا أفضى بها إلى حالةٍ من الهَشاشةِ المُفرِطَةِ تكادُ تُرديها.
​وفي ختامٍ مُدوٍّ ومُثيرٍ لِلوَجْدِ، أطلقَ مبارك صَرخةَ الوَفاءِ والحُبِّ المَجروحِ بحقِّ هذهِ المهنةِ التي سَكَنَتْ وجدانَهُ، واصفاً الصحافةَ في مَشهدها الرّاهنِ بأنّها "مِهْنَةُ الفَقرِ والتَّفقيرِ"، مُوجِّهاً تحذيراً مُبطّناً إلى كلِّ ذي قُدرةٍ ماليةٍ ومَقامٍ مِن أنْ يُلقيَ بِمصيرِهِ في غَياهِبِ امتهانِها.
​تَظَلُّ هذهِ الحلقةُ نداءً مُصَفّىً ومُباشِراً، يُشبهُ قَرعَ الطُبُولِ في ساحةِ المَعْرَكةِ، لِضرورةِ الانسحابِ الهادئِ والكريمِ لِلنُّخبِ التي انقضى عهدُها، وحتميةِ تفعيلِ "التَّرافُعِ الجَيِّدِ" لضمانِ أنْ تَتَحوَّلَ التوجيهاتُ الملكيةُ الساميةُ إلى إنجازاتٍ تنمويةٍ حَيَّةٍ تُلامسُ الأرضَ والوَاقِعَ، بعيداً عنْ جَذَبَاتِ المصالحِ الشخصيةِ والقبليةِ التي تُهدِّدُ فجرَ الأجيالِ ومستقبلَ الأقاليم.
عبد الكريم غيلان
كاتب رأي

إدريس مبارك يُطلق رصاصة نقد:

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: