مغرب المواطنة مدير النشر: خالد الرحامني / E-mail: info@mouatana.com
عندما تصبح الاستقالة أسهل الحلول
مغرب المواطنة2025-11-27 10:41:34
للمشاركة:

عندما تصبح الاستقالة أسهل الحلول

عندما تصبح الاستقالة أسهل الحلول


✍️ بقلم: محمد أمين هشامي

في العمل الجمعوي، كثيرًا ما يلجأ البعض إلى الطريق الأسهل: طريق الاستقالة.
فعندما يفشل أحدهم في تسييس الجمعية أو توجيهها نحو أجندته الخاصة، تصبح الاستقالة بالنسبة إليه الخيار المريح.
وعندما تعلو الأنانية على روح الفريق، وتتغلب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة، يختار البعض الانسحاب بدل مواجهة الذات والاستمرار في خدمة الفكرة التي آمن بها يومًا.

إن العمل الجمعوي الحقيقي ليس منصبًا أو لقبًا، بل هو رسالة ومسؤولية تتطلب الصبر، والتواضع، ونكران الذات.
ومن يرى في العمل الجماعي مجرد وسيلة لتلميع الصورة أو لتصفية الحسابات، فسرعان ما يضيق صدره من عناء الالتزام، ويجد في الاستقالة مهربًا من المسؤولية بدل أن تكون موقفًا مبدئيًا للتصحيح.

وغالبًا ما نسمع البعض يردد بفخر: «أنا من المؤسسين، أنا من أسس المبادرة».
لكن الحقيقة أن التأسيس ليس هو التحدي الأصعب، فالتأسيس يمكن أن يكون لحظة حماس أو فكرة عابرة.
أما الاستمرار في العطاء بنفس الروح والوفاء للفكرة، رغم الإكراهات والصعوبات، فذلك هو الامتحان الحقيقي لصدق الانتماء.
فالتاريخ لا يذكر من وضعوا البدايات فحسب، بل من حافظوا على المسار وصانوا الفكرة من الانحراف والاندثار.

الاستقالة ليست دائمًا خطأ، لكنها تصبح ضعفًا حين تكون ناتجة عن الخوف أو الفشل أو الأنانية، وليست عن قناعة مبدئية أو نية إصلاحية صادقة.

ومن المهم أن نؤكد أن السياسة ليست عيبًا ولا محرّمة، بل هي حق وواجب ومسؤولية، ومن حق كل إنسان أن يمارسها وفق قناعاته وقدرته ورغبته.
لكن الخطأ هو خلط العمل الجمعوي بالعمل السياسي، لأن الأول يقوم على خدمة المصلحة العامة بكل تجرد واستقلالية، بينما الثاني يسعى إلى التموقع والتأثير داخل الحقل السياسي.
ويمكن للإنسان أن يكون فاعلًا جمعويًا وسياسيًا في الوقت نفسه، شرط أن يحافظ على حدود الفصل بين المجالين، فلا يُسخّر العمل الجمعوي لخدمة الطموح السياسي، ولا يستخدم السياسة للإضرار بالجمعية وروحها التطوعية.

فالعمل الجمعوي الحقيقي لا يُقاس بالمناصب، بل بمدى الصدق والإخلاص في خدمة الفكرة والمصلحة العامة.
والميدان يظل واسعًا لكل من أراد النضال من أجل الفكرة لا من أجل الذات، ولمن اختار أن يبقى وفيًّا لمبادئه بعيدًا عن الحسابات الضيقة والأضواء الزائفة.

فالعِبرة ليست بالبدايات، بل بالخواتيم.

عندما تصبح الاستقالة أسهل الحلول

 

مغرب المواطنة
للمشاركة: