الحكم الذاتي… طريق المغرب نحو عدالة مجالية متوازنة

تخيل أن كل جهة في المملكة تستطيع أن تدير شؤونها الاقتصادية والاجتماعية بحرية، ضمن إطار سيادة وطنية كاملة، مع ضمان تكافؤ الفرص لكل المواطنين والمواطنات. هذا هو جوهر الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية، كنموذج أرقى يترجم الرؤية الملكية للجهوية الموسعة والعدالة المجالية، ويصبح مثالًا يُحتذى به لباقي الجهات في المملكة.

الحكم الذاتي ليس مجرد صيغة سياسية، بل هو منصة حقيقية لبناء مغرب متوازن، حيث تُمنح المجالس المحلية صلاحيات واسعة لتدبير الموارد، تنمية الكفاءات، وتأهيل البنية التحتية، مع خلق بيئة تشجع الاستثمار المحلي والربط القاري. إن هذه التجربة تجعل من الجنوب نموذجًا حيًا للتنمية المستدامة والعدالة المجالية، ومن ثم مصدر إلهام لباقي الجهات لتحقيق نفس الطموح.

وتزداد أهمية هذا التوجه حين نستحضر مقتطفات من الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح البرلمان يوم 10 أكتوبر 2025، حيث شدّد جلالته على أن بلادنا، وبفضل الديناميات التي تم إطلاقها، تفتح آفاقًا أوسع لتحقيق عدالة اجتماعية ومجالية أكبر، مؤكداً حرصه على استفادة جميع المواطنين من ثمار النمو، ومن تكافؤ الفرص في مختلف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

كما جاء في خطاب جلالته أن تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفوارق المجالية ليسا مجرد شعارات أو أولويات مرحلية، بل توجّه استراتيجي ملزم لكل الفاعلين، ورهان مصيري يوجّه مختلف السياسات التنموية.

في هذا الإطار، يصبح الحكم الذاتي ورشًا وطنيًا متكاملاً، يقوم على التضامن بين الجهات، دعم الأقاليم الصاعدة، تأهيل الموارد البشرية، وتهيئة مسارات كريمة لاستقبال اخواننا العائدين من مخيمات تندوف، ليكونوا شركاء فاعلين في بناء مجتمع متماسك ومزدهر.

إن هذا المشروع الوطني، المدعوم بإرادة ملكية واضحة، يمهّد لمغرب متوازن يُترجم سيادته إلى فرص حقيقية، ويوزع التنمية بعدل بين جميع الجهات، ويؤسس لمستقبل موحّد يبنى على وحدة الأرض والإنسان.

✍️د. سمير أشقر

رئيس جهة الدارالبيضاء الكبرى السطات

صرح ان الوطن غفور رحيم

مؤسسة جمع شمل الصحراويين المغاربة في العالم